فصل: مسألة: من وجب له حق بشاهد فلم يحلف‏

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

قال أحمد في رجل ابتاع طعاما نسيئة‏,‏ ونظر إليه وقلبه وقال‏:‏ أقبضه غدا فمات البائع وعليه دين فالطعام للمشتري‏,‏ ويتبعه الغرماء في الثمن وإن كان رخيصا وكذلك قال الثوري وإسحاق‏,‏ لأن الملك ثبت للمشتري فيه بالشراء وزال ملك البائع عنه فلم يشاركه غرماء البائع فيه‏,‏ كما لو قبضه الشرط الخامس أن يكون المفلس حيا ويأتي شرح ذلك في آخر الباب ـ إن شاء الله تعالى ـ‏.‏

فصل‏:‏

ورجوع البائع في المبيع فسخ للبيع‏,‏ لا يحتاج إلى معرفة المبيع ولا القدرة على تسليمه ولا اشتباه المبيع بغيره‏,‏ فلو رجع في المبيع الغائب بعد مضي مدة يتغير فيها ثم وجده على حاله لم يتلف شيء منه صح رجوعه وإن رجع في العبد بعد إباقه‏,‏ أو الجمل بعد شروده أو الفرس العاثر صح‏,‏ وصار ذلك له فإن قدر عليه أخذه وإن ذهب كان من ماله وإن تبين أنه كان تالفا حين استرجاعه‏,‏ لم يصح استرجاعه وكان له أن يضرب مع الغرماء في الموجود من ماله وإن رجع في المبيع واشتبه بغيره‏,‏ فقال البائع‏:‏ هذا هو المبيع وقال المفلس‏:‏ بل هذا فالقول قول المفلس لأنه منكر لاستحقاق ما ادعاه البائع والأصل معه‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ومن وجب له حق بشاهد فلم يحلف‏,‏ لم يكن للغرماء أن يحلفوا معه ويستحقوا وجملة ذلك أن المفلس في الدعوى كغيره فإذا ادعى حقا له به شاهد عدل‏,‏ وحلف مع شاهده ثبت المال وتعلقت به حقوق الغرماء وإن امتنع لم يجبر لأننا لا نعلم صدق الشاهد‏,‏ ولو ثبت الحق بشهادته لم يحتج إلى يمين معه فلا يجبر على الحلف على ما لا يعلم صدقه كغيره فإن قال الغرماء‏:‏ نحن نحلف مع الشاهد لم يكن لهم ذلك وبهذا قال الشافعي في الجديد وقال في القديم‏:‏ يحلفون معه لأن حقوقهم تعلقت بالمال‏,‏ فكان لهم أن يحلفوا كالورثة يحلفون على مال موروثهم ولنا أنهم يثبتون ملكا لغيرهم لتعلق حقوقهم به بعد ثبوته‏,‏ فلم يجز لهم ذلك كالمرأة تحلف لإثبات ملك لزوجها لتعلق نفقتها به وكالورثة قبل موت موروثهم وفارق ما بعد الموت‏,‏ فإن المال انتقل إليهم وهم يثبتون بأيمانهم ملكا لأنفسهم‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ وإذا كان على المفلس دين مؤجل لم يحل بالتفليس‏,‏ وكذلك في الدين الذي على الميت إذا وثق الورثة وجملته أن الدين المؤجل يحل بفلس من هو عليه رواية واحدة قاله القاضي وذكر أبو الخطاب فيه رواية أخرى‏,‏ أنه يحل وبه قال مالك وعن الشافعي كالمذهبين واحتجوا بأن الإفلاس يتعلق به الدين بالمال فأسقط الأجل كالموت ولنا أن الأجل حق للمفلس‏,‏ فلا يسقط بفلسه كسائر حقوقه ولأنه لا يوجب حلول ماله‏,‏ فلا يوجب حلول ما عليه كالجنون والإغماء ولأنه دين مؤجل على حي‏,‏ فلم يحل قبل أجله كغير المفلس ولا نسلم أن الدين يحل بالموت‏,‏ فهو كمسألتنا وإن سلمنا فالفرق بينهما أن ذمته خربت وبطلت بخلاف المفلس إذا ثبت هذا‏,‏ فإنه إذا حجر على المفلس فقال أصحابنا لا يشارك أصحاب الديون المؤجلة غرماء الديون الحالة بل يقسم المال الموجود بين أصحاب الديون الحالة‏,‏ ويبقى المؤجل في الذمة إلى وقت حلوله فإن لم يقتسم الغرماء حتى حل الدين شارك الغرماء‏,‏ كما لو تجدد على المفلس دين بجنايته وإن أدرك بعض المال قبل قسمه شاركهم فيه‏,‏ ويضرب فيه بجميع دينه ويضرب سائر الغرماء ببقية ديونهم وإن قلنا‏:‏ إن الدين يحل فإنه يضرب مع الغرماء بدينه كغيره من أرباب الديون الحالة فأما إن مات وعليه ديون مؤجلة‏,‏ فهل تحل بالموت‏؟‏ فيه روايتان إحداهما لا تحل إذا وثق الورثة وهو قول ابن سيرين وعبد الله بن الحسن وإسحاق‏,‏ وأبي عبيد وقال طاوس وأبو بكر بن محمد والزهري‏,‏ وسعد بن إبراهيم‏:‏ الدين إلى أجله وحكى ذلك عن الحسن والرواية الأخرى أنه يحل بالموت وبه قال الشعبي والنخعي‏,‏ وسوار ومالك والثوري‏,‏ والشافعي وأصحاب الرأي لأنه لا يخلو إما أن يبقى في ذمة الميت أو الورثة‏,‏ أو يتعلق بالمال لا يجوز بقاؤه في ذمة الميت لخرابها وتعذر مطالبته بها‏,‏ ولا ذمة الورثة لأنهم لم يلتزموها ولا رضي صاحب الدين بذممهم وهي مختلفة متباينة‏,‏ ولا يجوز تعليقه على الأعيان وتأجيله لأنه ضرر بالميت وصاحب الدين ولا نفع للورثة فيه أما الميت فلأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏الميت مرتهن بدينه حتى يقضى عنه‏)‏ وأما صاحبه فيتأخر حقه‏,‏ وقد تتلف العين فيسقط حقه وأما الورثة فإنهم لا ينتفعون بالأعيان ولا يتصرفون فيها‏,‏ وإن حصلت لهم منفعة فلا يسقط حظ الميت وصاحب الدين لمنفعة لهم ولنا ما ذكرنا في المفلس‏,‏ ولأن الموت ما جعل مبطلا للحقوق وإنما هو ميقات للخلافة وعلامة على الوراثة‏,‏ وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏من ترك حقا أو مالا فلورثته‏)‏ وما ذكروه إثبات حكم بالمصلحة المرسلة ولا يشهد لها شاهد الشرع باعتبار ولا خلاف في فساد هذا‏,‏ فعلى هذا يبقى الدين في ذمة الميت كما كان ويتعلق بعين ماله كتعلق حقوق الغرماء بمال المفلس عند الحجر عليه فإن أحب الورثة أداء الدين والتزامه للغريم‏,‏ ويتصرفون في المال لم يكن لهم ذلك إلا أن يرضى الغريم أو يوثقوا الحق بضمين مليء‏,‏ أو رهن يثق به لوفاء حقه فإنهم قد لا يكونون أملياء ولم يرض بهم الغريم‏,‏ فيؤدي إلى فوات الحق وذكر القاضي أن الحق ينتقل إلى ذمم الورثة بموت مورثهم من غير أن يشترط التزامهم له ولا ينبغي أن يلزم الإنسان دين لم يلتزمه ولم يتعاط سببه‏,‏ ولو لزمهم ذلك لموت مورثهم للزمهم وإن لم يخلف وفاء وإن قلنا‏:‏ إن الدين يحل بالموت فأحب الورثة القضاء من غير التركة واستخلاص التركة‏,‏ فلهم ذلك وإن قضوا منها فلهم ذلك‏,‏ وإن امتنعوا من القضاء باع الحاكم من التركة ما يقضي به الدين وإن مات مفلس وله غرماء بعض ديونهم مؤجل‏,‏ وبعضها حال وقلنا‏:‏ المؤجل يحل بالموت تساووا في التركة فاقتسموها على قدر ديونهم وإن قلنا‏:‏ لا يحل بالموت نظرنا فإن وثق الورثة لصاحب المؤجل‏,‏ اختص أصحاب الحال بالتركة وإن امتنع الورثة من التوثيق حل دينه‏,‏ وشارك أصحاب الحال لئلا يفضي إلى إسقاط دينه بالكلية‏.‏

فصل‏:‏

حكى بعض أصحابنا فيمن مات وعليه دين هل يمنع الدين نقل التركة إلى الورثة‏؟‏ روايتين إحداهما‏,‏ لا يمنعه للخبر ولأن تعلق الدين بالمال لا يزيل الملك في حق الجاني والراهن والمفلس فلم يمنع نقله فإن تصرف الورثة في التركة ببيع أو غيره‏,‏ صح تصرفهم ولزمهم أداء الدين فإن تعذر وفاؤه‏,‏ فسخ تصرفهم كما لو باع السيد عبده الجاني أو النصاب الذي وجبت فيه الزكاة والرواية الثانية‏,‏ يمنع نقل التركة إليهم لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏من بعد وصية يوصي بها أو دين}‏ [النساء: 11]. فجعل التركة للوارث من بعد الدين والوصية فلا يثبت لهم الملك قبلهما فعلى هذا‏,‏ لو تصرف الورثة لم يصح تصرفهم لأنهم تصرفوا في غير ملكهم إلا أن يأذن الغرماء لهم‏,‏ وإن تصرف الغرماء لم يصح إلا بإذن الورثة‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ وكل ما فعله المفلس في ماله قبل أن يقفه الحاكم فجائز يعني قبل أن يحجر عليه الحاكم فنبدأ بذكر سبب الحجر‏,‏ فنقول‏:‏ إذا رفع إلى الحاكم رجل عليه دين فسأل غرماؤه الحاكم الحجر عليه لم يجبهم حتى تثبت ديونهم باعترافه أو ببينة‏,‏ فإذا ثبتت نظر في ماله فإن كان وافيا بدينه‏,‏ لم يحجر عليه وأمره بقضاء دينه فإن أبي حبسه‏,‏ فإن لم يقضه وصبر على الحبس قضى الحاكم دينه من ماله وإن احتاج إلى بيع ماله في قضاء دينه باعه‏,‏ وإن كان ماله دون دينه وديونه مؤجلة لم يحجر عليه لأنه لا تستحق مطالبته بها‏,‏ فلا يحجر عليه من أجلها وإن كان بعضها مؤجلا وبعضها حالا وماله يفي بالحال‏,‏ لم يحجر عليه أيضا كذلك وقال بعض أصحاب الشافعي‏:‏ إن ظهرت أمارات الفلس لكون ماله بإزاء دينه ولا نفقة له إلا من ماله‏,‏ ففيه وجهان أحدهما يحجر عليه لأن الظاهر أن ماله يعجز عن ديونه فهو كما لو كان ماله ناقصا ولنا‏:‏ أن ماله واف بما يلزمه أداؤه‏,‏ فلم يحجر عليه كما لو لم تظهر أمارات الفلس ولأن الغرماء لا يمكنهم طلب حقوقهم في الحال‏,‏ فلا حاجة إلى الحجر وأما إن كانت ديونه حالة يعجز ماله عن أدائها فسأل غرماؤه الحجر عليه‏,‏ لزمته إجابتهم ولا يجوز الحجر عليه بغير سؤال غرمائه لأنه لا ولاية له في ذلك وإنما يفعله لحق الغرماء فاعتبر رضاهم به وإن اختلفوا‏,‏ فطلب بعضهم دون بعض أجيب من طلب لأنه حق له وبهذا قال مالك والشافعي‏,‏ وقال أبو حنيفة‏:‏ ليس للحاكم الحجر عليه فإذا أدى اجتهاده إلى الحجر عليه ثبت لأنه فصل مجتهد فيه وليس له التصرف في ماله لأنه لا ولاية عليه‏,‏ إلا أن الحاكم يجبره على البيع إذا لم يمكن الإيفاء بدونه فإن امتنع لم يبعه وكذلك إن امتنع الموسر من وفاء الدين‏,‏ لا يبيع ماله وإنما يحبسه ليبيع بنفسه إلا أن يكون عليه أحد النقدين‏,‏ وماله من النقد الآخر فيدفع الدراهم عن الدنانير والدنانير عن الدراهم لأنه رشيد لا ولاية عليه‏,‏ فلم يجز للحاكم بيع ماله بغير إذنه كالذي لا دين عليه وخالفه صاحباه في ذلك ولنا‏,‏ ما روى كعب بن مالك أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حجر على معاذ وباع ماله في دينه رواه الخلال بإسناده وروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه خطب الناس‏,‏ وقال‏:‏ ألا إن أسيفع جهينة قد رضي من دينه وأمانته بأن يقال‏:‏ سبق الحاج فادان معرضا فأصبح وقد رين به‏,‏ فمن كان له عليه مال فليحضر غدا فإنا بائعو ماله وقاسموه بين غرمائه ولأنه محجور عليه‏,‏ محتاج إلى قضاء دينه فجاز بيع ماله بغير رضاه كالصغير والسفيه‏,‏ ولأنه نوع مال فجاز بيعه في قضاء دينه كالأثمان وقياسهم يبطل ببيع الدراهم بالدنانير إذا ثبت هذا عدنا إلى مسألة الكتاب‏,‏ فنقول‏:‏ ما فعله المفلس قبل حجر الحاكم عليه من بيع أو هبة‏,‏ أو إقرار أو قضاء بعض الغرماء أو غير ذلك‏,‏ فهو جائز نافذ وبهذا قال أبو حنيفة ومالك والشافعي ولا نعلم أحدا خالفهم ولأنه رشيد غير محجور عليه‏,‏ فنفذ تصرفه كغيره ولأن سبب المنع الحجر فلا يتقدم سببه‏,‏ ولأنه من أهل التصرف ولم يحجر عليه فأشبه المليء‏,‏ وإن أكرى جملا بعينه أو دارا لم تنفسخ إجارته بالفلس‏,‏ وكان المكتري أحق به حتى تنقضي مدته‏.‏

فصل‏:‏

ومتى حجر عليه لم ينفذ تصرفه في شيء من ماله‏,‏ فإن تصرف ببيع أو هبة أو وقف‏,‏ أو أصدق امرأة مالا له أو نحو ذلك لم يصح وبهذا قال مالك‏,‏ والشافعي في قول وقال في آخر‏:‏ يقف تصرفه فإن كان فيما بقي من ماله وفاء الغرماء نفذ‏,‏ وإلا بطل ولنا أنه محجور عليه بحكم حاكم فلم يصح تصرفه‏,‏ كالسفيه ولأن حقوق الغرماء تعلقت بأعيان ماله فلم يصح تصرفه فيها‏,‏ كالمرهونة فأما إن تصرف في ذمته فاشترى أو اقترض‏,‏ أو تكفل صح تصرفه لأنه أهل للتصرف وإنما وجد في حقه الحجر‏,‏ والحجر إنما يتعلق بماله لا بذمته ولكن لا يشارك أصحاب هذه الديون الغرماء لأنهم رضوا بذلك إذا علموا أنه مفلس وعاملوه‏,‏ ومن لم يعلم فقد فرط في ذلك فإن هذا في مظنة الشهرة ويتبع بها بعد فك الحجر عنه وإن أقر بدين‏,‏ لزمه بعد فك الحجر عنه نص عليه أحمد وهو قول مالك ومحمد بن الحسن‏,‏ والثوري والشافعي في قول وقال في الآخر‏:‏ يشاركهم‏,‏ واختاره ابن المنذر لأنه دين ثابت مضاف إلى ما قبل الحجر فيشارك صاحبه الغرماء كما لو ثبت ببينة ولنا‏,‏ أنه محجور عليه فلم يصح إقراره فيما حجر عليه فيه كالسفيه‏,‏ أو كالراهن يقر على الرهن ولأنه إقرار يبطل ثبوته حق غير المقر فلم يقبل‏,‏ أو إقرار على الغرماء فلم يقبل كإقرار الراهن‏,‏ ولأنه متهم في إقراره فهو كالإقرار على غيره وفارق البينة‏,‏ فإنه لا تهمة في حقها ولو كان المفلس صانعا كالقصار والحائك‏,‏ في يديه متاع فأقر به لأربابه لم يقبل إقراره‏,‏ والقول فيها كالتي قبلها وتباع العين التي في يديه وتقسم بين الغرماء‏,‏ وتكون قيمتها واجبة على المفلس إذا قدر عليها لأنها صرفت في دينه بسبب من جهته فكانت قيمتها عليه كما لو أذن في ذلك وإن توجهت على المفلس يمين‏,‏ فنكل عنها فقضى عليه فحكمه حكم إقراره‏,‏ يلزم في حقه ولا يحاص الغرماء‏.‏

فصل‏:‏

وإن أعتق المفلس بعض رقيقه فهل يصح‏؟‏ على روايتين إحداهما‏,‏ يصح وينفذ وهو قول أبي يوسف وإسحاق لأنه عتق من مالك رشيد فنفذ‏,‏ كما قبل الحجر ويفارق سائر التصرفات لأن للعتق تغليبا وسراية ولهذا يسري إلى ملك الغير‏,‏ ويسري واقفه بخلاف غيره والرواية الأخرى لا ينفذ عتقه وبهذا قال مالك‏,‏ وابن أبي ليلى والثوري والشافعي‏,‏ واختاره أبو الخطاب في ‏"‏رءوس المسائل‏"‏ لأنه ممنوع من التبرع لحق الغرماء فلم ينفذ عتقه كالمريض الذي يستغرق دينه ماله‏,‏ ولأن المفلس محجور عليه فلم ينفذ عتقه كالسفيه وفارق المطلق وأما سرايته إلى ملك الغير‏,‏ فمن شرطه أن يكون موسرا يؤخذ منه قيمة نصيب شريكه فلا يتضرر‏,‏ ولو كان معسرا لم ينفذ عتقه إلا فيما يملك صيانة لحق الغير‏,‏ وحفظا له عن الضياع كذا ها هنا وهذا أصح ـ إن شاء الله تعالى ـ‏.‏

فصل‏:‏

ويستحب إظهار الحجر عليه‏,‏ لتجتنب معاملته كي لا يستضر الناس بضياع أموالهم عليه والإشهاد عليه‏,‏ لينتشر ذلك عنه وربما عزل الحاكم أو مات فيثبت الحجر عند الآخر‏,‏ فيمضيه ولا يحتاج إلى ابتداء حجر ثان‏.‏

فصل‏:‏

وإن ثبت عليه حق ببينة شارك صاحبه الغرماء لأنه دين ثابت قبل الحجر عليه فأشبه ما لو قامت البينة به قبل الحجر ولو جنى المفلس بعد الحجر جناية أوجبت مالا‏,‏ شارك المجني عليه الغرماء لأن حق المجني عليه ثبت بغير اختياره ولو كانت الجناية موجبة للقصاص فعفا صاحبها عنها إلى مال أو صالحه المفلس على مال‏,‏ شارك الغرماء لأن سببه ثبت بغير اختيار صاحبه فأشبه ما لو أوجبت المال فإن قيل‏:‏ ألا قدمتم حقه على الغرماء كما قدمتم حق من جنى عليه بعض عبيد المفلس‏؟‏ قلنا‏:‏ لأن الحق في العبد الجاني تعلق بعينه‏,‏ فقدم لذلك وحق هذا تعلق بالذمة كغيره من الديون‏,‏ فاستويا‏.‏